من المتوقع أن تتعرض أسعار البترول الى ضغوطات انخفاضية مع دخول الاتفاق على النووي الإيراني حيز التنفيذ في العشرين من هذا الشهر. وإذا ما تم إنهاء اللمسات الأخيرة على هذا الملف بنجاح، فسيتم رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن قطاع الطاقة الإيراني. وهذا ما سيُؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، وسيؤثر سلبياً على الاقتصاد الروسي وعلى اقتصادات الدول الخليجية التي تعتمد بنسبة كبيرة على تصدير النفط.
لعبت العقوبات الغربية وخصوصاً الأميركية والأوروبية دوراً كبيراً في ارتفاع أسعار النفط عالمياً كما والتهديد الأميركي المُبطّن والإسرائيلي المُعلن بالتدخل عسكرياً لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية. وقد رصدت الأسواق في هذه العقوبات والتهديدات عدداً من العوامل التي دفعت بالأسعار صعوداً:– نقص في العرض نتيجة عدم قدرة إيران على تصدير نفطها؛– احتمال ضرب إيران لمنشأت نفطية في الخليج العربي في حال كان هناك عمل عسكري ضد إيران؛– احتمال وقف الامدادات النفطية عبر مضيق هرمز الذي يمر عبره 40% من النقل البحري للنفط وذلك ضمن سيناريو عمل عسكري ضد إيران قد يدفع الجمهورية الإسلامية إلى إغلاق المضيق. والعقوبات التي طاولت إيران غطت الشق الاقتصادي، المالي والعسكري، وطاولت القطاع الغذائي والصحّي وبدأت مفاعيلها بالظهور إلى العلن عبر تدهور سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي وعبر غلاء السلع الاستهلاكية والبضائع (50% لبعض السلع الغذائية). وفي القطاع النفطي، أخذت تداعيات العقوبات الإقتصادية منحاً خطيراً حيث إنخفض تصدير البترول الخام من إيران إلى النصف في العام 2012 مقارنة بالعام 2011 في بلد يُشكل فيه تصدير النفط أكثر من 80% من حجم الصادرات الإيرانية و50% من مدخول الدولة. كما كان للعقوبات المصرفية تأثيرها الكبير من ناحية أن إيران لم تستطع قبض ثمن النفط المُصدّر. وخفف الاتفاق على النووي الإيراني من الضغط على أسعار البترول من ناحية اضمحلال الأعمال العسكرية ضد الجمهورية الإسلامية في إيران ممّا يعني ضمان تسليم النفط الخليجي واستبعاد احتمال ضرب منشأت نفطية خليجية من قبل إيران. لكن هذا الاتفاق، وبدون أدنى شك، سيُخفض أسعار النفط من ناحية أن هذا الإتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في 20 كانون الثاني 2014 ويستمر لمدة 6 أشهر، سيسمح للدول الغربية، في حال نجاح إتمام التفاصيل التقنية، برفع العقوبات عن قطاع النفط الإيراني والتي حرمت كثير من الشركات الغربية من إتمام صفقات مع إيران (مدخول هذه الشركات انخفض إلى النصف). وكترجمة للنظرة الإيجابية للأسواق المالية على الاتفاق على النووي الإيراني، انخفضت أسعار العقود بأجل على نفط خام بحر الشمال إلى 107.20 د.أ للبرميل (12 ك2 2014). ومن المُتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الانخفاضي مع نجاح المفاوضات على التفاصيل التقنية للاتفاق على النووي الإيراني. والسبب يعود إلى الصادرات النفطية الإيرانية التي ستدعم السوق بكميات تُوازي مليون برميل في النهار مما يعني زيادة العرض وبالتالي انخفاض الأسعار. هذه الكمية إضافة إلى الكميات التي سيؤمنها الغاز الصخري وغيرها من موارد الطاقات الأخرى ستُشكل ضغطاً على الأسعار بحيث أن سعر الخام سيصل إلى 95 د.أ. في نهاية هذا العام مقابل سعر وسطي قدره 102 د.أ في العام 2013. ولكن من المُستبعد أن يكون الانخفاض أكثر من 95 د.أ والسبب يعود إلى أن الغاز الصخري الأميركي يعول على أسعار النفط العالية مما يعني أن انخفاضاً كبيراً في أسعار هذه الأخيرة سُيقلل من قيمة الغاز الصخري وبالتالي قلة العرض. ومن ناحية أخرى، فإن رفع العقوبات يعني خفض الأسعار مما سيؤثر على الاقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكلٍ كبير على صادرات النفط. أي أنّ مدخول الحكومة الروسيّة من النفط سيقل. وللحدّ من التأثير، عمدت روسيا إلى توقيع اتفاق مع إيران ينص على استيراد روسيا لـ 500 ألف برميل في النهار من النفط الإيراني مقابل تصدير بضائع روسية إلى إيران. وكما هي حال الاقتصاد الروسي، كذلك هي الحال بالنسبة الى اقتصادات الدول الخليجية التي ستشهد انخفاضاً في مدخولها وهذا ما قد يدفعها ضمن إطار دول الأوبك إلى تخفيض الإنتاج بهدف المُحافظة على أسعار عالية. وعلى الصعيد اللبناني، فمن المُتوقع أن تظهر فوائد هذا الاتفاق في الأشهر القادمة إن على المواطن مباشرة أو على خزينة الدولة عبر انخفاض كلفة صفيحة البنزين والمازوت كما الفيول لشركة كهرباء لبنان. وهذا كله سيكون بالطبع رهينة تطبيق الاتفاق على النووي الإيراني الذي سيمتد حتى حزيران 2014.
http://www.lebanonfiles.com/news/656191