Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

صمود الاقتصاد لا يفاجئ الخبراء المغتربون والاستهلاك والليرة عوامل داعمة

سلوى بعلبكي

ما الذي يجعل الاقتصاد اللبناني صامداً في ظل عوامل أمنية وسياسية داخلية وخارجية عدة يمكن أن تطيح أي اقتصاد آخر يمر بالعوامل نفسها؟ تفاوت الجواب بين الخبراء الاقتصاديين، فمنهم من اعتبر أن الاقتصاد منهار اصلاً ويحتاج الى اجراءات عاجلة لإنعاشه، ومنهم من رأى أن تحويلات المغتربين واجراءات مصرف لبنان هي الأساس. يدور الاقتصاد اللبناني في فلك الجمود نتيجة العوامل الخارجية المحيطة به على أكثر من صعيد لا سيما في ظل الأحداث الامنية في سوريا، ولكن رغم كل ذلك لا يزال صامداً. أما عوامل الصمود فيرجعها الخبير الاقتصادي غازي وزني أولاً الى الوضع الأمني الذي لا يزال تحت السيطرة، ويوجز العوامل الأخرى بالآتي:

  • استمرار تحويلات المغتربين التي لم تتراجع بين 2010 و2015 رغم الأحداث الأمنية الجارية في المنطقة، إذ بلغت عام 2015 حجم التحويلات 7,3 مليارات دولار ومن المقدّر أن يستمر حجم هذه التحويلات على الوتيرة عينها في سنة 2016.
  • استمرار النمو المقبول في القطاع المصرفي الذي بلغ عام 2015 نحو 5% ومن المقدّر أن يسجّل نمواً مماثلاً في 2016.
  • استقرار سعر صرف الليرة مدعومة باحتياطات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية التي تبلغ حالياً 35,5 مليار دولار.

ولكن هذه الايجابيات لم تمنع وزني من ابداء خشيته من تراجع غالبية المؤشرات الاقتصادية سنة 2016، متوقعاً أن يسجل النمو الاقتصادي اقل من 1% نتيجة استمرار تضرر القطاعات الاقتصادية. وإذا كانت هذه العوامل هي التي “أوقفت الاقتصاد على قدميه” برأي وزني، سخر الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي من سؤالنا عن العوامل التي تجعل الاقتصاد صامداً حتى اليوم. فهو يعتقد أن الاقتصاد منهار ويتوجب على الحكومة اتخاذ اجراءات عاجلة لإعادة الروح اليه. فالركود والانكماش اللذان يتحكمان بالاسواق يبدوان “قاتلين” برأيه ويستوجبان تحركاً من الحكومة على نحو عاجل، علما أنه لا يؤمن باجراءات الحكومة، ويؤكد أنه ينبغي على المعنيين “اعادة النظر بسياسة الضرائب على ان تتزامن مع خفض للانفاق ومزاريب الهدر، اضافة الى زيادة الانفاق الاستهلاكي والاستثماري للدولة، وزيادة عرض النقد من مصرف لبنان لخفض الفوائد وتنشيط الحركة الاستثمارية والاستهلاكية”. وإذ دعا مصرف لبنان الى ضخّ الأموال في السوق “عوض أن يعطّل ودائع بـ 75 مليار دولار في خدمة تثبيت سعر صرف الليرة”، قال: “إذا تمّ تحرير هذه الأموال فإن المصارف ستعمد الى تشجيع التسليف بفوائد أقل بعد زيادة عرض النقد وضخّ السيولة”. وحض على الاقلاع عن “معزوفة” أن تراجع النمو تارة سببه عجز مؤسسة الكهرباء وتارة أخرى الكتل النارية المحيطة بلبنان، مشيرا الى أن “لبنان لديه كل مقومات التقدم الاقتصادي والازدهار، إلاّ أن المسؤولين فيه يخنقونها بإدارتهم الموارد على نحو سيئ جداً”. للبروفسور جاسم عجاقة رأي متطابق الى حد ما مع رأي وزني، خصوصاً حيال تحويلات المغتربين التي تحرك بدورها الاستهلاك المحلي الذي يناهز الـ 45 مليار دولار سنوياً، بالتوازي مع خطوات مصرف لبنان المشابهة لتلك التي اتبعها الاحتياطي الاميركي والتي أنقذت الاقتصاد الاميركي عام 2009. ويشكّل الإستهلاك النهائي للأسر المُحرّك الأساسي للدورة الإقتصادية مع تخطيه عتبة الـ 100% من الناتج المحلّي الإجمالي في الأعوام المُمتدّة من 2011 إلى 2014، وهذا الاستهلاك تحرّكه وفق عجاقة تحويلات المُغتربين بنسبة تراوح بين 16 إلى 25% خصوصاً بين الأعوام 2005 و2010. وإذا كان الاستهلاك في أفضل حالاته يبقى الاستثمار ضعيفاً، علماً أنه يشكل مع الاستهلاك الدعامتين للاقتصاد. وفي حين نسمع الكثير عن تحفيز مناخ الأعمال في خطابات السياسيين، يرى عجاقة أن هذه التصريحات ليست جدية خصوصاً أنها لا تشرح فعلاً كيفيّة تحفيز مناخ الأعمال. من هنا، يؤكد عجاقة “أهمية السياسة الإقتصادية الواجب اتباعها الكفيلة بتوفير نمو مُستدام. ولكن يبدو أن المسؤولين يفكرون في دعم القطاع العقاري الذي وصل إلى مرحلة الإشباع. كذلك تنحصر أفكارهم في دعم القطاع السياحي، علماً أنه مرتبط بالوضعين السياسي والأمني، وتالياً من الضروري التوجه نحو دعم قطاعات تكون بديلة من الإستيراد”.

رابط النهار