Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

تحطيم أسعار الشقق” في لبنان… حقيقة أم مجرّد إعلان؟”

علي عواضة

تحطيم أسعار للشقق، خفوضات قويّة تنتظر الشباب، وغيرها من الإعلانات التي انتشرت في الفترة الأخيرة على الطرق وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، توحي بأنّ سوق العقارات متجه إلى مزيد من الانحدار، وما على الشباب سوى التريّث قليلاً وانتظار المزيد من الخفوضات والإعلانات لاقتناص الشقّة المناسبة بالسعر المقبول. 
‎أسعار الشقق التي ارتفعت بشكل جنونيّ في السنوات الأخيرة، عادت إلى الانخفاض بعد الركود الذي طال عدداً لا بأس به من الشقق أكانت في بيروت أم خارجها، بالإضافة إلى التسهيلات التي قدّمتها المؤسسة العامّة للإسكان بخفض معدل الفائدة على القروض السكنية من 5.07% إلى 3.28%، ما شكّل صدمة إيجابية ومحفّزاً قويّاً للأسعار، فيما عدّها بعضهم مجرّد استقطابٍ للمزيد من الشباب لشراء منزل بأسلوبٍ تحفيزي.

‎الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، رأىأنّ تحطيم أسعار الشقق فيه نوع من المبالغة، والموضوع ليس سوى لعبة تسويق، وعمليات الانخفاض تبقى محدودة نظراً لسوق العقارات بشكل عام، والقضية تقتصر على معلنين بحاجة لبيع عدد من الشقق بأسعار محروقة نوعاً ما، والسبب يعود للحاجة إلى المال، ولكن ليس اتجاه السوق هو نحو حرق الأسعار كما هو معلن في الوقت الحالي.

‎وأكّد عجاقة أنّ خفض نسبة الفائدة ساعد في تحريك سوق العقارات، مستنداً إلى مؤشر بنك بيبلوس للطلب العقاري للفصل الثاني من عام 2017 الذي أظهرت النتائج أنّ المؤشر سجّل معدلاً شهرياً بلغ 52,3 نقطة في الفصل الثاني من عام 2017، ما شكل ارتفاعاً بنسبة %20,2 عن الـ43,5 نقطة المسجّلة في الفصل الأول من عام 2017، وارتفاعاً بنسبة %34,3 عن الـ38,9 نقطة المسجلة في الفصل الثاني من عام 2016. وتشكل نتائج المؤشر للفصل الثاني من عام 2017 القراءة الفصلية الـ17 الأعلى له خلال 40 فصلاً.

‎وأظهرت نتائج المؤشر في الفصل الثاني من عام 2017 أنّ معدّل الطلب على الوحدات السكنية كان الأعلى من المقيمين في جبل لبنان، حيث أشار 7,5% من المقيمين في المنطقة المذكورة إلى أنهم يخططون لبناء منزلأو شرائه في الأشهر الستة المقبلة، مقارنة بـ5,8% في الفصل السابق. وتبعه معدل الطلب من المقيمين في الشمال، حيث أعلن 7,4% منهم أنهم ينوون شراء منزلأو بناءه في الأشهر الستة المقبلة، مقارنة بـ5,3% في الفصل الأول من عام 2017. هذا فيما أبدى 6,4% من المواطنين في بيروت رغبتهم في شراء شقّة سكنية في المدى القريب، ما يشكل ارتفاعاً من 4,4% في الفصل السابق. وفي البقاع، أعلن 3,2% من السكان أنهم ينوون بناء وحدة سكنيةأو شراءها في الأشهر الستة المقبلة، مقارنة بـ4,3% في الفصل الأول من عام 2017. أما في جنوب لبنان، فأشار إلى أن 2,4% من المواطنين يخططون لبناء شقّة سكنيةأو شرائها، أي بانخفاض عن 3,3% في الفصل السابق. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع الطلب على الشقق السكنية في الفصل الثاني من عام 2017 لدى جميع فئات الدخل.

‎وقسم عجاقة مالكي الشقق إلى قسمين: الأفراد والمطوّرون

‎فمن ناحية الأفراد من اشترى شقّة على سبيل المثال بمبلغ 225 ألف دولار وقام ببعض التعديلات داخلها بمبلغ 50 ألف دولار لن يبيعها بنفس السعر، إلا إذا كان بحاجة شديدة للمال، فيما إذا كان شخص ميسور الحال ويملك 3 شقق فلن يبيع بأسعار محروقة وسيبيع مثلاً شقة واحدة فقط لا ثلاثاً.

‎أما بعض المطوّرين العقاريّين الذين يملكون مبنىًفيخفضون أسعار عدد محدود جداً من الشقق، بينما أسعار باقي المبنى تبقى كما هي ويعود ذلك لحاجتهم للسيولة.

‎كلام عجاقة يرفضه الاستراتيجي في أسواق البورصة العالمية والشؤون الاستثمارية جهاد الحكيّم، الذي أكد أنّ اعتقاد المواطن كان في السابق أنّ شراء شقّة في لبنان يحتاج إلى ربح جائزة اللوتو، وكان الإجماع على أنه لا انخفاض في الأسعار.أما اليوم فاختلف الأمر، وكثير من المطوّرين خرجوا عن الإجماع وانخفضت الأسعار في بيروت من 30 إلى 35% وعند المفاوضة يمكن أن تصل إلى 45% وهذا يعتمد على قوّة المفاوض، مشيراً إلى أنّ سعر الشقق يحدّده أفضل عرض، حتى ولو كان “السعر لا يغطي التكلفة”، وليس ما يروّج له المطوّر. وقد أصبحت هناك قناعة لدى المواطن بأنّ الشقق ستذهب إلى مزيد من الانخفاض. وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك فترة زمنية تتراوح ما بين سنة وسنة ونصف بين أسعار بيروت وبقية المناطق، فتنخفض الأسعار في بيروت قبل أن تنخفض في كافة المناطق لأن الارتفاع بدأ في بيروت وبعدها تحوّل إلى باقي المناطق.

‎وعن مؤشر بنك بيبلوس أكد الحكيّم أنّإمكان شراء شقّة قبل أكثر من سنة وتسجيلها في الوقت الحالي وكثرة البيع ليست مؤشراًإيجابياً في ظلّ انخفاض الأسعار، لأنه من الطبيعي عندما تنخفض الأسعار ستزيد عملية البيع والأمر أشبه بمحلّ تجاري يقوم بتصفية المنتجات لديه فتزيد نسبة البيع.

‎واستند الحكيّم إلى دراسة أعدّها في هذا الخصوص عن الفترة الممتدة من عام 2001 إلى 2016، حيث كشفت ارتباطاً مباشراً بين أسعار النفط وتحويلات المغتربين، من ثم على أسعار الشقق، لكنّ هناك فارقاً زمنياً يستغرق 20 شهراً بين كل منهما، وبالتالي انهيار أسعار النفط يسبق انهيار أسعار الشقق، فمع انخفاض سعر النفط تنخفض التحويلات بشكل مباشر ومعها الطلب على العقارات. وبحسب الدراسة كان معدل برميل النفط دون 60$، بين الفترة الممتدة من سنة 2014 حتى 2016، وبدأ الانعكاس المباشر والضغط الانخفاضي على أسعار الشقق مطلع تشرين الأول 2016، أي بعد 20 شهراً من نهاية سنة 2014.معدل سعر النفط سنة 2016 كان 43$، وتداعياته السلبية ستكون أشد في مطلع تشرين الأول 2018، فسعر البرميل الآن هو 48$، وهو بحاجة إلى أن يسجل معدلاً سنوياً فوق 80$ لينعكس بعدها بعشرين شهراً على السوق العقاري، وبالتالي إذا سجل هذا المستوى في سنة 2018 افتراضاً فلا انعكاس إيجابياً قبل عام 2020.

‎ونصح الحكيّم الشباب بالانتظار حتى يبلغ الانخفاض بين 50 إلى 55% قبل الشروع بالشراء.
رابط النهار