jassemajaka@gmail.com
السوق العربية المشتركة باتت حُلماً بعيد المنال .. ولبنان غير مخوّل للإنضمام!
ولندرس هذا الملف بشكلّ مفصّل كان لـ”الإقتصاد” مقابلة خاصة مع البروفسور جاسم عجاقة، الذي أكد لنا أن تأسيس سوق عربية مشتركة يخلق تكاملاً إقتصادياً، والمقصود بذلك تختار الدولة “أ” مثلاً التخصص بإنتاج ما يحتاجه بقية الدول العربية، وفي الوقت نفسه أن تحظى هذه الدولة بقيمة مضافة أكبر تستفيد من خلالها بهذا الإنتاج. إذا عزمت كل دولة عربية التخصص بخدمة أو سلعة ما والتصدير للدول العربية الأخرى، عندها الكل سيستفيد.
ويقول: “إذا توصلنا إلى هذه النتيجة سيكون هنالك تكامل في الإقتصاد، ما يسمح للإقتصاد العربي أن يندمج بشكل أفقي بالإقتصاد العالمي بعكس الموجود حالياً.” وشرح عجاقة وجه الإختلاف بين الإندماج الأفقي والعامودي، إذ إن الإندماج العامودي يتحقق عندما يكون التبادل بين الدولة والخارج موجّه نحو الإقتصاد العالمي أكثر مما هو موجّه نحو إقتصادات الدول العربية، بينما الإندماج الأفقي يتجسد عندما تعتبر أن الدول العربية كلها مندمجة إقتصادياً وهذا الإندماج الإجمالي موجه نحو الإقتصاد العالمي. وبيّن عجاقة الخطر من الإندماج العامودي خاصة عند التعرض للأزمات العنيفة أي تلك التي تصيب الإقتصاد العالمي، مستعيناً بتجربة دبي في العام 2009، عندما وقعت الأزمة العالمية وتزايد طلب الأموال على بورصة دبي بشكل هائل وبالتالي لم تتمكن من توفيرها مباشرة ، لولا مساعدة إمارة أبوظبي لدبي لكانت الأخيرة واجهت حالة من الإفلاس. ويؤكد عجاقة أنه لو كان الإقتصاد العربي بحالة من الإندماج الأفقي لما واجهنا هذا النوع من المشاكل. من ناحية ثانية، أشار إلى وجود حالة من غياب الفرص الإقتصادية (cost of opportunity).
وأحدث مثال على ذلك الأزمة القطرية بحيث أن الشركات التي كانت تصدر أو تستورد من قطر جمّدت نشاطاتها وبالتالي خسرت سوقاً لها، وبالنظرية الإقتصادية خسارة فرص إقتصادية أمر لا يُستهان به بغض النظر عن الشق السياسي.
*لبنان غير مخوّل للإنضمام إلى سوق مشتركة أو التعامل بعملة موحدة:
لا يمكننا الحديث عن سوق عربية مشتركة دون أن نذكر العملة المشتركة وأهميتها، إذ كشف عجاقة إلى أن الإقتصاد العربي تكبد خسارة تتراوح نسبتها بين الـ1% والـ2% أقلّه نتيجة غياب العملة العربية المشتركة واعتبر عجاقة أن دول مجلس التعاون الخليجي (قبل الأزمة القطرية) كان التكتل الأقرب إلى تحقيق هذه الخطوة، قبل أن ينهار بحسب عجاقة.
ورأى البروفسور أن لهذه الدول بشكل خاص وزن إقتصادي كبير، قد ينضم كل من العراق ومصر ويغيرا في المعادلة، إلا أن الدول الأخرى قد لا تكون مخوّلة خوض هذه الخطوة، فالإقتصاد السوري يعاني ما يعانيه جراء الأزمة ، بالإضافة إلى ضعف الإقتصاد اللبناني، الأردني، الليبي وغيرها.
ويتابع: “لا شك أنه كلما توسعت الرقعة الجغرافية كان أفضل للمردود، إلا أن الإشكالية مع التوسيع تكمن في عدم وجود انضباط المالي، فالدول العربية تنفق بشكل عشوائي، بينما العملة الموحدة تحتاج إلى سلوك صارم من ناحية الإنفاق.”
مضيفاً: “كما نعلم أن السوق الأوروبية المشتركة ومنطقة اليورو تتبعان معايير محددة لا يمكن أن تتجاوزها من ناحية الإنفاق أو الدين العام، وفي المقابل إذا نظرنا إلى الوضع اللبناني نلاحظ أن الدين العام وصل إلى 155% من الناتج المحلي الإجمالي، مع العلم أن المعايير الدولية وخاصة معاهدة “ماست ريتش” التي على أساسها أُنشأت منطقة اليورو، تضع سقف 60%، ما يعني أن لبنان لا يصلح لأن يكون ضمن سوق عملة مشتركة.”
ويعتبر عجاقة أن هذه الخسارة العربية لا تعوّض في حين أن الأرقام التي كانت في العام 2013 كانت تعكس خسارة نمو 2% أو أكثر، وكان معدل النمو يقارب الـ4.95% وكنا بذلك نقترب من النمو بمستويات عالية جداً توازي مستويات الدول النامية مثل الصين وغيرها.. ويقول:” إن العرب للأسف لم يستفيدوا من هذه الفرصة.”
وأكد البروفسور أن مشروع العملة العربية المشتركة، وإن صلُح الحال في الخليج؛ فقد بات بعيداً، مع حدوث تباعد في الإقتصادات، فبدأ الإقتصاد السعودي يسجل عجزاً معيناً وقطر كذلك، فإذاً المعايير التي على أساسها التي كان بإمكان هذه المعادلة ان تُركّب لم تعد سهلة.
وكشف عجاقة أن هناك ثلاثة معايير تسمح للدول باعتماد عملة مشتركة:
المعيار الأول: يجب ألا يتخطى الدين العام نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
المعيار الثاني : يجب ألا يتجاوز العجز في الموازنة 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
المعيار الثالث: يجب ألا يكون الفرق شاسعاً بين تغيرات العملة نسبةً إلى العملة المفترض إطلاقها (يجب أن يكون التحرك بهامش ضئيل جداً). وهنا يتبين مدى صعوبة تحقيق هذا الحلم حالياً، فالريال القطري فقد 10% من قيمته على سبيل المثال، ولبنان دينه العام وصل إلى 150 % من الناتج المحلي الإجمالي. في الختام، أكد عجاقة أن هنالك خطأ في إدارة الإقتصادات العربية من دون استثناء… فهل سنبقى نشاهد الفرص تضيع من بين أيدينا عن بُعد .. دون أن نحرّك ساكناً.