Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

قانون الشركة بين العام والخاص يدخل حيّز التنفيذ ويوفر اساساً لإنشاء البنية التحتية في البلاد

موريس متى

وصلت مساهمة القطاع الخاص في تمويل المشاريع في البنى التحتية عالمياً، عبر ما يعرف بالشركة بين القطاعين PPP الى نحو 130 مليار دولار في نهاية 2013 بحسب البنك الدولي. وتُعتبر البُنى التحتية المتطورة، من الاسباب الاساسية لتأمين النمو المستدام، في الوقت الذي تبقى فيه أهم الاستثمارات التي تهدف الى تسجيل نسب نمو اقتصادي إيجابية، تلك المتوجهة نحو البنية التحتية التي من دونها لا يوجد اقتصاد حديث أو منتج. 

بعد سنوات من الانتظار، أقر المجلس النواب في 16 آب الماضي قانون الشركة بين القطاعين العام والخاص ما يُشكّل نقطة تحوّل أساسية في تاريخ الإقتصاد اللبناني، في الوقت الذي تبقى فيه الإستثمارات الخاصة أساساً للنمو الإقتصادي. هذا ووقع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القانون مطلع الاسبوع وتمّ تحويله إلى مجلس النواب ليتمّ نشره في الجريدة الرسمية. وفي لبنان، الحاجة أكثر من ضرورية لتأمين بنى تحتية جديدة ومتطورة، لمواكبة المتطلبات داخلياً والإستفادة من التطورات الاقليمية وبخاصة في ما يتعلق بعملية إعمار سوريا. وفي هذا السياق، يشيد النائب ياسين جابر بالخطوة التي قام بها المجلس النيابي من خلال إقرار قانون الـ PPP الذي سيساهم حتماً في إعادة تأهيل البنى التحية اللبنانية بشكل عام، ويقول: “لا يمكن إشراك لبنان في عملية إعمار سوريا من دون السير في تنفيذ خط السكك الحديد الذي يربط طرابلس بالحدود السورية، بالاضافة الى الانتهاء من إنجاز المنطقة الاقتصادية الحرة في طرابلس وضرورة توسيع وتأهيل المرافىء اللبنانية وبخاصة في محافظة الشمال على رأسها مرفأ طرابلس”. ويتابع: “لا يجب ان ننسى ان هذا القانون يساهم في تنفيذ مشاريع السكك الحديد على طول الساحل اللبناني، وتوسيع المطار، ومد شبكة طرق جديدة مثل الطرق السريعة في الدول المتقدمة. فالمشاريع لا تحصى ولا تعد، ويمكن لهذا القانون ان يطوّر قطاع الاتصالات من حيّز الخدمة والايرادات”. ويعتبر جابر ان المشكلة الاساسية التي تعيق تنفيذ المشاريع هي تأمين التمويل، وهذا القانون يحل هذه المشكلة، والدولة لن تعود بحاجة الى الاستدانة بفوائد عالية لتنفيذ المشاريع. لم تنفق الدولة اللبنانية أكثر من 4% من موازناتها السنوية على البنى التحتية في الاعوام العشرين الاخيرة نتيجة العجوزات المستمرة التي سجلتها الموازنات والازمات السياسية والامنية المتلاحقة. ووفق التقديرات، تحتاج هذه البنى التحتيّة إلى إستثمارات تصل قيمتها الى ما يقارب 30 مليار دولار خلال العقد المقبل، تشمل الطرق والمنشآت العامة والخاصة والأُسس التي تسمح للاقتصاد اللبناني بالنهوض، مع الاشارة الى ان القيمة الحالية للبنى التحتية الموجودة في لبنان تقدر قيمتها بنحو 32 مليار دولار. وبحسب المجلس الأعلى للخصخصة، يحتاج لبنان الى بنى تحتية عاجلة جديدة بقيمة 6.2 مليارات دولار، تتركز في قطاعات الكهرباء والمياه والنقل والسجون. وهذه المشاريع يمكن تنفيذها عبر اعتماد الشركة بين القطاعين العام والخاص، من دون انتظار التمويل، في حين أن اعتماد التلزيم التقليدي يستلزم فرض ضرائب جديدة لتوفير التمويل، أو الاستدانة. هذا ما قد يؤدي الى زيادة في الدين العام، وارتفاع معدل الفوائد نتيجة تضخم حجمها عبر الاقتراض، والانتظار حتى إقرار الاعتمادات اللازمة، وغيرها من المعوّقات، الامر الذي يقوّض النمو ويطيح الايجابيات المنتظرة من تطوير هذه البنى التحية. ويساهم تنفيذ مشاريع تطوير البنى التحتية عبر الشركة بين القطاعين في توفير نوعية مرتفعة من الخدمات، نظرا الى ادراج حوافز وعقوبات في العقود التي تبرم مع الشركات، بالاضافة الى الإنتاجية المرتفعة في القطاع الخاص، والتزام القطاع السرعة في التنفيذ، ما يضمن حسن سير المشاريع. تطبيع قانون الشركة بين القطاعين العام والخاص يحتاج إلى آلية عمل تُوضع من قبل الحكومة لكي يتمّ تطبيقه لإفادة الإقتصاد اللبناني، لكن الصعوبات تبقى في المحاصصات السياسية بحسب الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة الذي اعتبر “أن مشكلة قانون الشركة بين القطاع العام والخاص تبقى في الفساد المُستشري والذي سيُعرقل العديد من المشاريع الحيوية التي يحتاجها لبنان، وعلى رأسها مشاريع البنى التحتية التي نصّ عليه تقرير موديز الأخير وتتعلقّ بالبنى التحتية. ومن هذا المُنطلق وبغياب آلية شفافة مقرونة بقانون أو خطّة لمحاربة الفساد وإعتماد الشفافية العامّة كذلك محاسبة الشركات المُخالفة لتعهداتها، سبيقى القانون خطوة ناقصة”. ويتابع: “ان الطرق تبقى المُشكلة الرئيسية التي تُعيق تطور الإقتصاد اللبناني إن في بيروت وجبل لبنان أو في الأطراف. فهل من المعقول أن المزارعين في عكار غير قادرين على إيصال منتجاتهم إلى السوق لأن الطرق سيئة؟ أو هل من المعقول أن يخسر المواطن ساعات لقطع المسافة بين جونية وبيروت؟ من هذا المُنطلق نرى أن هناك إلزامية البدء بهذه المشاريع. ويأتي ملف الكهرباء ليحتلّ مرتبة مُتقدّمة في سلّة المشاريع الواجب العمل عليها خصوصاً أن هذا القطاع يستهلك ملياري دولار سنوياً مع أسوأ خدمة. ولا تقف الأمور هنا، فقطاع الإتصالات بحاجة إلى إستثمارات مع الحاجة إلى تمديد آلياف ضوئية في كل المناطق وتشغيل مجموعة الـ E1 التي تمتلكها الدولة ولا تستخدمها (عددها بعشرات الالاف)، وهذا القطاع وحده قادر على خلق عشرات الألوف من فرص العمل! كما أن هناك حاجة لخلق أسواق لبيع المنتجات الزراعية ودعم الصناعة التحويلية”. تتمتع المصارف بسيولة هائلة قادرة من خلالها على إقراض القطاع الخاص لكي يستخدم القدرة التمويلية والخبرات على المنصّة العامة فيما تُقدر هذه القدرة التمويلية بأكثر من 15 مليار دولار حالياً. كما يمكن ايضاً العمل على إنشاء صندوق استثماري لتمويل مشاريع البنية التحتية على أساس الشركة بين القطاعين، تكتتب فيه المصارف اللبنانية والمؤسسات المتعددة الطرف. وتكمن اهمية مشروع القانون في انه يستقطب الاستثمارات الخاصة، اللبنانية والعربية والدولية، فضلاً عن استقطابه الامكانات الفنية والادارية العالية التي يتمتع بها القطاع الخاص واستثمارها في تنفيذ مشاريع حيوية للاقتصاد اللبناني

رابط النهار