Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

كيف أطلقت موازنة 2018 شرارة الاحتجاجات الإيرانية؟

أثار الغلاء المرتقب على أسعار المياه والكهرباء والمحروقات الذي أقر في موازنة العام 2018، غضب الشارع الإيراني الذي عكس وضعا اقتصاديا صعبا تراكم عبر سنوات طويلة من السياسات الاقتصادية التي أوقعت غالبية أبناء الدولة التي تملك ثاني أكبر احتياطات الغاز عالميا و10% من احتياطيات النفط في فخ الفقر بحسب القراءة الاقتصادية للاحتجاجات الإيرانية للمحلل والخبير الاقتصادي جاسم عجاقة الذي نشرته صحيفة الجمهورية اللبنانية.   وشمل مشروع الموازنة رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والمياه وبعض المواد الغذائية مما يزيد الأسعار إلى الضعف ما يضاف لكوكتيل من التضخم والبطالة والفساد لتتشابك العوامل لجانب انخفاض أسعار النفط وصعوبة استيراد الاحتياجات الاساسية ما أطلق شرارة الاحتجاجات في المناطق التي تعاني من البطالة والفقر. حيث لا يزيد الدخل الشهري عن 400 دولار. اقتصاد غني وشعب فقير الناتج المحلي الإيراني الثاني ب‍الشرق الأوسط بـ 514 مليار دولار والـ 19 عالميا مدعوما بثروة نفطية وغازية هائلة ويعتمد الاقتصاد على انتاج النفط، البتروكيماويات حيث يسيطر النفط على 80% من الصادرات وتتلقى إيران تحويلات من المغتربين بـ 1.33 مليار دولار سنويا. وينمو الناتج المحلي بمعدل 3.3% سنويا فيما وصل التضخم الى 11.2% في 2017. تشكل منطقتا قم وأصفهان قلب إيران الاقتصادي إضافة إلى خوزستان الحدودية فيما تعاني الأطراف الشرقية والشمالية الشرقية من فقدان التنمية الاقتصادية والبنية التحتية. الوضع الاقتصادي المتردي في إيران حصاد عاملين الأول السياسة الخارجية والتي أدت إلى تكتل دولي وعربي ضدها، والثاني الصراع الداخلي بين التيار المحافظ والتيار الإصلاحي اللذين لا يفوتان أي فرصة للنيل من الآخر مما أضعف من السياسات الاقتصادية المرسومة من قبل الحكومات المتعاقبة. تاريخ من المعوقات لم تهنأ ايران بالاستقرار فبعد الثورة الإسلامية أواخر السبعينيات من القرن الماضي دخلت إيران الحرب مع العراق لتستمر من 1980 حتى 1988 وأدت لمقتل مليون شخص وتكلفة قاربت 1.2 تريليون دولار اضافة لاثار اقتصادية عديدة اهمها عزل إيران على الصعيد العربي وتراجع إنتاج النفط وتركيز الانفاق على التسليح. رزحت إيران تحت ثقل العقوبات الدولية خلال عقود أدت إلى ضرب اقتصادها عبر تراجع الاستثمارات، خصوصا في قطاع الطاقة مما استنزف القدرة الإنتاجية للنفط والغاز في إيران. تراجعت معدلات إنتاج الآبار بنسبة 12% وتراجعت معها معدلات الاسترداد الفعلي التقني بنسبة 27%.. بلغت ذروة التراجع الاقتصادي في العامين 2012 و2013 ما أجبر الحكومة الايرانية على توقيع اتفاق دولي حول برنامجها النووي لتوقع نهائي في 2015 مع وعود بتحرير أموالها في البنوك الغربية ورفع الحظر التجاري وهو ما لم يتم نتيجة التجارب الإيرانية على الصواريخ الباليستية المتكررة. سيطرة حكومية وغياب التنوع يقبع الاقتصاد الايراني تحت سيطرة مباشرة أو غير مباشرة للحكومة الايرانية تصل الى 50% من النشاط الاقتصادي تقريبا دون ترك مجال للقطاع الخاص وتسيطر الحكومة على 80% من الصناعة وتنفق أغلب دخلها على التسلح العسكري ولم تستثمر في القطاعات الإنتاجية التي عانت من غياب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب العقوبات الدولية. وفشلت المحاولات الحكومية في تعديل الاوضاع بوضع خطة لجذب الاستثمارات الخارجية في 2015 بسبب العقوبات الدولية التي حالت دون نجاحها.

رابط الأنباء الكويتية