jassemajaka@gmail.com
إحتياط المركزي كافٍ لإحتواء الأزمة.. لكن إلى متى؟
جريدة الشرق | بروفسور جاسم عجاقة
ليس بالجديد القول إن الأزمة الحالية التي تعصف في لبنان هي نتاج عدّة ملفات مثل الفشل في القيام بإصلاحات، دخول لبنان في صراح المحاور (أميركا – إيران، أميركا – روسيا)، الخلاف على الملف الغازي وترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي، مُشكلة اللاجئين الفلسطينيين، والنازحين السوريين… كل هذه الملفات تجعل من المخاوف في الأسواق تتعاظم مع الصعوبات التي تواجه تشكيل حكومة جديدة خصوصًا أن حكومة لا يرضى عليها الثنائي الشيعي لن تُبصر النور، كما أن حكومة لا يرضى عليها الأميركيون سيكون لها تداعيات إقتصادية كارثية.
الغموض في الأسواق مع إعلان الرئيس سعد الحريري عدم قبوله تكليف تشكيل حكومة، أدّى إلى فقدان الثقة أكثر في القطاع المصرفي اللبناني الذي بالغ أحيانًا في بعض الإجراءات. فقدان الثقة هذا يجّعل مُستقبل الإقتصاد رهينة الواقع السياسي أي تشكيل الحكومة.
بالتزامن تكاثرت الشائعات عن إحتمال إفلاس المصارف اللبنانية وتوقّفها عن دفع الدولارات إبتداءً من مطلع العام المُقبل وهو ما نفته جمّعية المصارف وتؤكّده بعض المُعطيات على الأرض مثل مصادر حصول الصيارفة على الدولارات!
عمليًا وبفرضية أن بعض المصارف تواجه مُشكلة ملاءة (وهو أمر غير دقيق حتى الساعة) فإن المصرف المركزي قادر على أخذ بعض الخطوات لإستيعاب مثل هذه الأحداث، نذكر منها (أي الخطوات) دمج المصارف أو حتى شرائها!
فالمصرف المركزي يتمتّع بتوزيع متوازن لأصوله بحسب المعايير النقدية على الرغم من تعرّضه لدين الدوّلة بالليرة اللبنانية (التي يمّلكها عمليًا) بأكثر من 50% من إجمالي الدين بالليرة اللبنانية. وتبقى إحتياطاته كافية لإمتصاص أي صدّمة نقدية أو مصرفية في ظل الظروف الحالية.
وبالحديث عن إحتياطات مصرف لبنان، يتوجّب ذكر أن المادّة 69 من قانون النقد والتسليف والمعدلة بالقانون المنفذ بالمرسوم رقم 6102 تاريخ 5-10-1973 تنصّ على:
«على المصرف ان يبقي في موجوداته اموالًا من الذهب ومن العملات الاجنبية التي تضمن سلامة تغطية النقد اللبناني توازي (30 في المئة) ثلاثين في المئة على الاقل من قيمة النقد الذي اصدره وقيمة ودائعه تحت الطلب، على ان لا تقل نسبة الذهب والعملات المذكورة عن (50 في المئة) خمسين في المئة من قيمة النقد المصدر.
لا تؤخذ موجودات المصرف من النقد اللبناني بعين الاعتبار لحساب النسبتين المحددتين في الفقرة السابقة».
لذا وبدراسة ميزانية مصرف لبنان التي يُصدرها، نرى أن المصرف المركزي يحترم هذه النسب وبالتالي يلتزم المركزي دقائق قانون النقد والتسليف.
في الواقع نصّ هذه المادة يفرض عدد من الملاحظات:
أولًا – المادّة لا تلحظ شي إسمه «إحتياط» بل «موجودات» بالعملات الأجنبية والذهب. والعارفون بالأمور المصرفية، يعلمون جيّدًا أن كل مُلكية يرافقها شيء إسمه تاريخ الإستحقاق. لذا لبعض الخبراء الذين يُشكّكون في الإحتياط، نقول لهم أنه في الأسواق المالية لا يُوجد شيء بالمطّلق إسمه «ملكية» بل «مُلكية مع تاريخ إستحقاق»! ومهمّة مصرف لبنان هي الحفاظ في أي لحظة من اللحظات على القيمة المنصوص عليها في المادة 69 من قانون النقد والتسليف.