jassemajaka@gmail.com
صارت الشقة حلم… بيت جدي واسع!
عجاقة: لن يستقيم الوضع الاقتصادي الا إذا حصل توافق سياسي في البلد
لما قرر جدي يتزوج ستي قال لها هالكلمتين “بتقعدي مع امي وبيي واخوتي”، وهذا ما حصل. وأنجب جدي خمسة صبيان وأربع بنات، وسكن الجميع بسعادة في البيت الكبير لسنين طويلة.
موقع القوات اللبنانية \ فيرا بو منصف
ولما تزوج ابي امي قال لها هالكلمتين “رح اترك بيت الاهل واستأجر عند خالتي لحين انتهي من عمار البيت”، وهذا ما حصل. لما تزوج اخي عروسه دفع له ابي عشرة الاف دولار دفعة اولى للإسكان لشراء منزل في منطقة المتن. وأكمل هو تقسيط الباقي على مدى عشرين عاما.
ولما اراد ابن اخي الزواج العام الماضي، كما كثر من شباب وصبايا لبنان، وبعدما عثر على شقة يشتريها، توقّف الاسكان عن منح القروض السكنية، وتوقف مشروع الزواج، وصارت الشقة حلم احلام الشباب اللبناني، ومن يدري قد يضطر ابن اخي للزواج والسكن في بيت الاهل لتعود الايام ادراجها الى زمن جدي، معقول؟!
نكاد نقول يا ريت، حلوة أيام زمان حين كانت العائلة تجتمع بفروعها كافة في بيت الجد، لكن يبدو ان الامر صار من سابع المستحيلات، ولا يتجاوز عتبة الرومانسية الزائلة تدريجا في وطن فائض الازمات، ومنها ازمة الاسكان المستجدة منذ شباط 2018، حين توقفت القروض السكنية المدعومة من مصرف لبنان، وتوقفت مشاريع الاف الشباب اللبناني عند عتبة الحيرة والسؤال الكبير، “شو منعمل كيف منتزوج وين منسكن؟”. والاهم بعد، ما مصير الاف الطلبات الراقدة في رفوف الانتظار؟
واذ منذ ايام تلوح بارقة امل طفيف بإمكانية عودة تلك القروض، اذ اقر مجلس النواب فتح اعتماد بقيمة 100 مليار ليرة لبنانية لدعم القروض السكنية لذوي الدخل المحدود. وأصدرت جمعية المصارف تعميمًا داخليًا عن مجريات اللقاء الشهري الذي يعقد بين مجلس إدارة الجمعية في لبنان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولجنة الرقابة على المصارف يتضمن تخصيص حزمة جديدة للقروض السكنية بقيمة 200 مليون دولار، والقروض الإنتاجية بقيمة 500 مليون دولار، مع حدّ أقصى للقرض السكني بقيمة 450 مليون ليرة، ورفع السقف للمغتربين إلى 600 مليون ليرة، بفائدة 5,9 في المئة.
من ضمن شروط لا يزال بعضها غامضا خصوصا لناحية احتساب الفائدة وسنوات التسديد، وبعضها الاخر وصف بالصعب نسبيا، خصوصا لناحية عدد المستفيدين المحدود جدا، وعلى ان تكون الاولوية لطلبات قديمة كانت حصلت على الموافقة قبل قرار ايقاف القروض. وايضا والاهم هو ارتفاع نسبة الفائدة التي كانت في السابق نحو 3,350 في المئة، لتتجاوز الان حدود الـ5 في المئة. علما ان عدد الطلبات الجديدة لن يتعدى الالف سنويا، في حين ان الاسكان كان يوافق سابقا على أكثر من خمسة الاف طلب سنويا.
في لغة الاقتصاد، هي ازمة كبيرة، لكن في المقابل هل هذه الرزمة كافية، وهل سيعود الشباب اللبناني ويسكن شققا جديدة ام ينام في بيت الاهل، ام يدخل في العزوبية المبكرة؟
“بشكل عام هي خطوة جيدة وايجابية”، يقول الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور جاسم عجاقة، في حديث لموقع القوات اللبنانية الالكتروني، ويضيف ان “الخطوة ستؤدي لتحرك القطاع الاقتصادي المالي والعقاري ولو بشكل طفيف وموقت. كنا نأمل ان يزيد المبلغ عن 200 مليون لاتساع رقعة الافادة، لكن تقصير الحكومة ساهم بشكل مباشر في الوصول الى هذه النتيجة. الحكومة مقصّرة جدا تجاه هذه الخطوة”.
لكن الا تُعتبر نسبة الفوائد مرتفعة جدا مقارنة مع الماضي ومع الوضع الاقتصادي للبنانيين عموما؟ يوافق عجاقة على السؤال، لكن في المقابل يضع كرة الازمة في ملعب السياسة والسياسيين “هي شروط صعبة نسبيا لان الوضع الاقتصادي صعب، والقطاع المصرفي ليستفيد من هذه القروض، عليه التحويل من الدولار الى الليرة اللبنانية. لكن ما يجري لا يتعدى كونه جرعة خفيفة لإنعاش القطاع العقاري ولفترة قصيرة لا أكثر، ولن يستقيم الوضع الاقتصادي الا إذا حصل توافق سياسي في البلد. فاذا شُكلت الحكومة وكانت منتجة فعلا وسعت الى الاصلاح الفعلي سنشهد تحسنا كبيرا في القطاعات كافة وخصوصا العقاري والاسكاني، غير ذلك لا امل بأي تحسّن”، يؤكد عجاقة.
ألف طلب في السنة لا أكثر، فوائد تصل الى الخمسة في المئة، شروط تكاد تلامس التعجيز للحصول على دمغة “موافق” على طلب قرض اسكاني، شباب لبنان يهاجر تباعا، الشقة على رف الاسكان والحكومة غير الحاكمة حتى الساعة، وحتى الساعة الشقة صارت ضرب من الاحلام ولعل احلا البيوت عادت لتكون… بيت جدي!!