Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

ما هي السيناريوهات المتوقعة في حال إستقالة الحكومة؟

النهار | سلوى بعلبكي

يومان من الغضب الشعبي عم شوارع لبنان من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، الطلب المشترك لكل المتظاهرين هو إسقاط الحكومة ورحيل هذه السلطة التي تم نعتها بأبشع العبارات وأبرزها عبارة “الفساد”. أطلّ رئيس الحكومة سعد الحريري مستمهلاً الشعب 72 ساعة، فاما أن يتجاوب “حلفاء التسوية” مع الخطط “الانقاذية”، والا فالقرار…

والأكيد أن سيناريو استقالة الحكومة سيدخل لبنان في نفق مظلم في وقت لبنان بأشد الحاجة إلى إقرار موازنة وإصلاحات كيف يتفادى المحظور أي خفض التصنيف الإئتماني للبنان والذي كانت منتظرا في نهاية هذه السنة، لكن يبدو أن هذه التاريخ سيتم تقديمه.

واذا كان البعض لا يزال ينتظر ما ستؤول اليه الاحتجاجات ليبني على الشيء مقتضاه، فإن وزير السياحة السابق فادي عبود أعرب عن تأييده لاحتجاجات المتظاهرين ضد الأوضاع الاقتصادية والفساد، وإن حذر من عواقب قد تكون كارثية في حالة استمرار الاحتجاجات بلا قيادة منظمة أو استقالة أركان الحكم…. وأكثر فإنه تخوف من تحميل المتظاهرين ما ستؤول اليه الاوضاع وخصوصا على صعيد الليرة “برغم أن ما يحدث أمر جيد، لكن المطالب التي ينادي بها المتظاهرون ليست واضحة، وثمة توجس من ترك المتظاهرين في الشارع من دون قيادة”. وتابع: “اذا استمر الحراك بهذه الكيفية قد يؤدي الى انهيار الليرة، وبالتالي يتم تحميل المعترضين المسؤولية”

وعن استقالة الرئيس سعد الحريري، قال عبود: “إذا لم يستقل الرئيس الحريري سيعطي المزيد من الوعود، مرجحاً بنسبة 60% ألا يستقيل من مهامه. أما في حال استقال فإن ذلك لن يكون كافياً، لأننا نريد تغييرا شاملاً، ونتطلع لأن يأتوا بأشخاص قادرين على إخراج البلد من أزمته ومتمولين أو أرباب عمل لأن الثلاثين وزيرًا لا يدركون ماذا يفعلون”.

وطالب عبود بوضع قوانين جديدة ولا سيما إحياء قانون الوصول الى المعلومات، وينبغي أن يكون خلف الشارع خطة واضحة لإنقاذ البلد. وقال: “المشكلة تكمن في أن المجتمع المدني غير منظم وبالتالي في حال استقالة الرؤساء الثلاثة والدخول في الفراغ سيصبح الوضع مخيفًا، لأن الليرة حاليا على حافة الهاوية”، وختم: “نطمح الى طقم جديد يتسلم سدّة المسؤولية، من أناس لديهم الخبرة في إدارة البلد، ليس أوادم فحسب بل حازمين في القيادة”.

السيناريوهات المطّروحة كثيرة وفي مقدمها “تطيير الموازنة”. وفي هذا الاطار، يقول الباحث الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أن “الموازنة طارت، وقد يكون هذا الأمر إلى حد ما هو مقصود نظرا إلى إلزامية الإصلاحات فيها وهو ما يتبين أنه أمر مرفوض من قبل بعض الأطراف السياسيين”. وهذا الأمر، بحسب عجاقة، يعني الصرّف على أساس القاعدة الإثنيّ عشرية أي إعتماد موازنة العام 2019 التي وصفها عجاقة بالموازنة “الورقية”.

وإذ توقع أنه “سيتم تخفيض تصنيف لبنان الإئتماني قبل آخر السنة وهو أمر شبه أكيد بعد تطّيير الموازنة وعدم تحويليها إلى مجلس النواب”، إلا أن الأصعب برأيه أن “الإنفاق سيزيد حكماً لأن التاريخ أثبت أن حكومات تصريف الأعمال تسجل عجزًا أعلى من الحكومات الأصيلة”.

وفي ما يخص سوق سندات الخزينة (الأوروبوندز)، يقول عجاقة أن “التداعيات تلقائية مع إنخفاض في سعر هذه السندات بشكل ملحوظ سيُسبّب دون أدنى شكّ في إرتفاع كلفة التأمين على هذه السندات (CDS)، وتاليا سترتفع حكما كلفة خدمة الدين العام التي ستزيد بدورها من عجز الموازنة”.

هذا الإطار الأسود لا ينتهي عند هذا الحد، فهناك مشاريع “سيدر” التي من الظاهر أنها تبخرت مع غياب الحكومة وتحوّلها إلى حكومة تصريف أعمال. ويقول عجاقة “من الضروري أن يكون الشريك اللبناني في مؤتمر سيدر شريكاً بكامل الصلاحيات تحت طائلة سقوط هذه المشاريع، وبما أن الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، فهي تاليا غير مؤهلة للبت في هذه المشاريع. هذا الأمر سيؤدّي حكما إلى إنكماش كبير في الإقتصاد اللبناني الذي كان يُعوّل كثيرًا على أموال سيدر للنهوض والتحوّل من إقتصاد شبه-ريعي إلى إقتصاد منتج”.

الحاجة الكبيرة تبقى في البنى التحتية التي كان من المفروض تمويلها من خلال مشاريع مؤتمر سيدر، إلا أن إستقالة الحكومة ستمنع تنفيذ هذه المشاريع وسيدخل لبنان في حالة غموض تتمثل بسيناريوهات عدة بحسب عجاقة:

– السيناريو الأول هو سيناريو مُشابه لسيناريو العام 2018 بعد الإنتخابات النيابية حيث تطلّب الأمر 9 أشهر لتشكيل الحكومة. وهذا الأمر بحسب عجاقة سيكون كارثيا: “الكارثة إذا ما تكرّر هذا السيناريو، لأن المالية العامّة لن تتحمّل حتى ذلك الوقت. وهذا الأمر قد يفرض بحدّ ذاته إعادة تكوين السلطة السياسة بدءًا من السلطة التشريعة وصولًا إلى السلطة التنفيذية وذلك بهدف وضع لبنان تحت الوصاية الصندوقية”.

– السيناريو الثاني هو سيناريو ينص على تشكيل حكومة إنتخابات لا يتعدّى عمرها الثلاثة أشهر بهدف إجراء إنتخابات نيابية جديدة. وهذا السيناريو قد يكون شائكًا نظرًا إلى أن مُشكلة قانون الإنتخاب ستعود إلى العلن وبالتالي فإن نتائج هذا السيناريو ستكون كارثية كما في حال السيناريو الأوّل.

– الثالث: هو سيناريو حكومة مصغرة مؤلفة من تكنوقراط يتمّ تشكيلها سريعًا ومُهمّتها الإنقاذ المالي والإقتصادي للبنان. وهذه الحكومة سيكون لها حظوظ كبيرة بالنجاح إذا ما قبلت القوى السياسية وجودها. لكن على جميع الأحوال هناك ثمن سيدّفعه الإقتصاد اللبناني والمالية العامّة قبل الخروج من المأزق.

– الرابع: هو سيناريو ستاتيكو حيث يتمّ تكليف الرئيس الحريري من جديد وتكون طريقة التشكيل شبيهة بتشكيل الحكومات السابقة وهذا السيناريو هو الأسوء بحسب عجاقة لأن هذا الأمر يعني أن لا خلاص للبنان!

على كل، فان الساعات والأيام المقبلة ستحمل كثيراً من المؤشرات التي تدل على السيناريو الأكثر إحتمالاً. ويبقى أن خزينة الدوّلة تخسر يوميا 224 مليون دولار نتيجة الإضرابات والإحتجاجات بالإضافة إلى خسائر مادية ناتجة عن الإحتجاجات.

اذا استقالة الحكومة، في حال حصلت، ستزيد من حال عدم اليقين في السوق وسيكون هناك نوع من زيادة المخاطر لفترة معينة، وسيترجم ذلك وفق ما يقول الخبير الاقتصادي جهاد حكيم بإرتفاع العائد على سندات الخزينة وهبوط بأسهم البورصة وارتفاع التأمين على سندات الخزينة. ولكن في حال تم تأليف حكومة جديدة مكونة من وزراء اكفياء ويشهد لهم بنظافة كفهم مع خطة واضحة واعادة هيكلة للاقتصاد، فإن الأسواق ستتلقف هذه الاشارات على نحو ايجابي، اما في حال تم تأليف حكومة تشبه الحكومة الحالية أو السابقة من دون خطة عمل وتنفيذها فإن الامور ستزداد سوءا. على كل الأمور مرهونة، برأي الحكيم، بالحكومة المقبلة وما اذا كانت ستعتمد نموذجا اقتصاديا جديدا وقوانين جديدة تعزز المنافسة والخصخصة بطريقة شفافة والتحضير لحكومة الكترونية وتشجيع استقطاب الاستثمارات وتشجيع قطاع المعرفة بالفعل، وعدم وضع ضرائب بفترة الركود الاقتصاد.

Source النهار