Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

لجنة المال تُنهي تقريرها اليوم… وثلاثة أيام للمشروع في الهيئة العامة

الديار | بروفسور جاسم عجاقة

تنتظر الأسواق التقرير النهائي للجنة المال والموازنة حول مشروع موازنة العام 2019 لمعرفة ما آلت إليه التعديلات التي قامت بها اللجنة على المشروع وما هي النقاط الخلافية المتبقّية والأهم نسبة العجز المتوقّعة. هذا التقرير الذي من المفروض أن يُبصر النور اليوم كما صرح رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، سيكون موضوع بحث جلسة الحكومة المتوقّع غدًا الثلاثاء الذي يسعى فيه الرئيس سعد الحريري بدعم من فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى إعطاء زخم جديد للعمل الحكومي خصوصًا على الصعيد الإقتصادي بعد التقارير العديدة الصادرة عن وكالات التصنيف الإئتماني.

لكن هذا الزخم الذي يسعى الحريري إلى ضخّه في الحكومة، سيُواجه بتعقيدات خصوصًا مع ملف التعيينات والمواجهة القواتية ـ العونية المرتقبة والتي أدّت إلى تشكيل تحالفات تضمّ من جهة القوات، المردة، الإشتراكي وحركة أمل ومن جهة أخرى التيار الوطني الحرّ. أما التيار الأزرق فسيؤدي دور الوسيط بين هاتين الجبهتين.

من جهة أخرى تعرّض لبنانيون في كزاخستان إلى الضرب على خلفية بث أحد اللبنانيين لصورة اعتبرها الموظفون في الشركة التي يعمل فيها تعدٍ على صورة المرأة الكزاخستينية، مما دفع بالوزير الياس بو صعب إلى الإتصال بنظيره الكزاخستاني لطلب تأمين حماية العاملين اللبنانيين في كزاخستان.

على الصعيد الدوّلي، أنهت قمّة مجموعة العشرين اجتماعها مع تكريس لفوقية الولايات المُتحدة الأميركية على صعيد التجارة العالمية ولكن أيضًا على صعيد المناخ بالإضافة إلى تقويض تعددية الأطراف التي من المفروض أن تكون مجموعة العشرين هي ضمانتها.

} مشروع موازنة العام 2019 }

لفتت تحذيرات وكالات التصنيف التي أطلقتها خلال الأسبوع المُنصرم إلى أهمّية لجم العجز في الموازنة. وإذ شكّكت هذه الوكالات بفعّالية الإجراءات المُتخذة في مشروع الموازنة والغموض الذي يعتري عمل لجنة المال والموازنة من ناحية إطلاع الرأي العام على مستوى العجز الذي وصلت إليه، من المفروض أن يتمّ الكشف عن الصيغة النهائية للموازنة اليوم في التقرير الذي ستُصدره لجنة المال والموازنة والذي يحوي التعديلات والإضافات والإلغاءات إضافة إلى مستوى العجز الذي وصلت إليه بحسب رئيس اللجنة إبراهيم كنعان الذي قال «إن شاء الله نزف لكم مساء الاثنين مع الجلسة الاخيرة للجنة المال البشارة التي توقف القيل والقال وتنقل البلاد الى مرحلة اقتصادية جديدة».

وكانت لجنة المال والموازنة قد تابعت دراسة مشروع موازنة العام 2019 حيث عقدت جلسة مساء البارحة خصصتها لدراسة وإقرار اعتمادات المجلس الدستوري ووزارتي العدل والزراعة كما ألغت المؤسسة الوطنية لضمان الاستثمارات.

ويبقى أمام لجنة المال والموازنة عدد من النقاط الشائكة وعلى رأسها العسكريون المتعاقدون الذين يُحضّرون لتحرّك كبير بالتوازي مع مناقشة المشروع في الهيئة العامّة، رسم الـ 2% على الإستيراد الذي من الواضح أنه سقط تحت ضغط حزب الله، قرض الـ 11 ألف مليار ليرة الذي سقط بضربة قاضية من وكالة موديز للتصنيف الإئتماني… كل هذه النقاط تجعل من تقرير لجنة المال والموازنة محطّ أنظار الأسواق لمعرفة مستوى العجز الذي وصلت إليه الموازنة.

وصنّفت وكالات التصنيف الإئتماني (من دون إشارة واضحة إلى ذلك) عمل لجنة المال والموازنة بمحاربة للهدر لكنّه بعيد عن الإصلاحات الهيكلية وخاصة في قطاع الكهرباء. والواضح من تصريحات الوكالات وحتى صندوق النقد الدولي والبنك الدوّلي أن الحكومة اللبنانية لن تستطيع تحقيق العجز المُعلن عنه في المشروع الأساسي أي 7.59% والسبب بالتحديد غياب الإصلاحات الهيكلية. وتأتي التعديلات التي تقوم بها اللجنة على المشروع لتُثير حفيظة العديد من المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل الذين يتمسّكان بعجز الـ 7.59%.

يبقى القول ان غياب إيرادات ضريبية وخفض هيكلي للإنفاق (مثل الكهرباء) وتحفيز النمو الإقتصادي والتي تدخل كلها في خانة الإصلاحات الهيكلية الذي تتحدّث عنه المنظمات الدوّلية سيكون العائق الأساسي أمام احترام العجز المُعلن عنه.

} الحكومة ووكالات التصنيف }

من المتوقّع أن لا يكون هناك من تداعيات لتقارير وكالات التصنيف الإئتماني على تصنيف لبنان الإئتماني نظرًا إلى الأفق الجديدة التي أرستها بعض المُعطيات المُستجدّة. لكن هذا الأمر لم يمنع مجلس الوزراء من عقد جلسة له غدًا الثلاثاء لبحث السبل لتعزيز العمل الحكومي خصوصا على الصعيد الإقتصادي في ضوء هذه التقارير.

وكانت مصادر الرئيس الحريري قد أعلنت أن الأخير سيعمد إلى إعطاء زخم جديد لإنتاجية الحكومة خصوصًا على الصعيد الإقتصادي وعلى رأسها متابعة تنفيذ مؤتمر سيدر ولكن أيضًا خطّة ماكنزي حيث سيتمّ عقد جلسات مُخصصة لهذين الموضوعين. هذا الزخم الذي يحظى بدعم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تواجهه تعقيدات على صعيد التعيينات الإدارية نظرًا للخلاف الكبير على الحصص المسيحية والدرزية وحتى السنّية.

وأكثر المواجهات المتوقّعة هي بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ حيث هناك إصطفاف حاد في مجلس الوزراء من جهة القوات ومعها الإشتراكي، المردة وحركة أمل ومن جهة أخرى التيار الوطني الحرّ. وهذا الأمر سيؤدّي بحسب مصادر مطلعة إلى تعزيز دور الرئيس الحريري الذي من المفروض أن يؤدي دور الوسيط في هذه المواجهة. على هذا الصعيد، أشارت المصادر إلى أن الرئيس سعد الحريري أبلغ فخامة رئيس الجمهورية أن استمرار الهجوم عليه وعلى تيار المُستقبل وأعمدته في الإدارة العامّة سيدفعه إلى تغيير تحالفاته لكنه في المقابل لن يستقيل.

الأجواء التي أرستها تقارير وكالات التصنيف الإئتماني كان لها وقع على الطبقة السياسية أكثر من وقعها على الأسواق المالية. هذه الأخيرة قرأت جيدًا التقارير وخصوصًا تقرير موديز الأخير وبالتالي لم تتفاعل معه علمًا منها أنه موجّه إلى الطبقة السياسية أكثر منه إلى الأسواق.

العديد من المؤشرات ساعدت وتُساعد في تخفيف وطأة تقارير وكالات التصنيف الإئتماني وعلى رأسها إطلالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي قرأتها الأسواق على أنها تطمين من رجل ذو مصداقية عالية خصوصا مع حديثه عن أن المُستحقات المالية مؤمّنة لهذا العام كما وأن الإستقرار النقدي مُستمرّ. أيضًا كانت مُلفتة الإشارات الخليجية الإيجابية تجاه لبنان وبالتحديد من قبل المملكة العربية السعودية. فالسفير السعودي في لبنان وليد البخاري صرّح نهار السبت الماضي أن المملكة تُريد التواصل مع جميع اللبنانيين من خلال مبادرة «جسور» والتي تهدف إلى فتح قنوات لدعم التعاون الثنائي وتفاهم مُشترك بين الشعبين السعودي واللبناني. ويأتي هذا التصريح بعد رفع الحظر على سفر الرعايا السعوديين إلى لبنان ويُشير إلى نيّة المملكة العودّة إلى الساحة اللبنانية من بوابتها العريضة. أيضًا كان مُلفتًا تصريح مسؤول قطري لرويترز عن نية بلاده تنفيذ تعهداتها التي قامت بها في القمة الإقتصادية العربية في بيروت في أول هذا العام مع شراء 500 مليون دولار أميركي سندات خزينة لبنانية وإستثمارات مباشرة في الإقتصاد اللبناني.

إضافة إلى هذين الموقفين، كان ملفتًا موقع البنك الدولي في ما يخصّ الموازنة بقوله أن الإجراءات هي في الاتجاه الصحيح مع بعض الحذر عما يحصل في لجنة المال والموازنة من تعديلات ولكن أيضًا في ما يخص تنفيذ الموازنة.

وإذا كان الرئيس الحريري قد سبق له وأعلن رفض لبنان لصفقة القرن الأربعاء المنصرم على الرغم من جهل كل الأفرقاء لمحوى الصفقة السياسي، إلا أن السؤال المطروح يبقى عن دينامية الإقتصاد اللبناني في ظل التفاعل الإقتصادي العالي المُنتظر بين الدول العربية المُنخرطة في صفقة القرن من جهة وإسرائيل من جهة ثانية خصوصًا أن التداعيات الإقتصادية لهذه الصفقة سيتحمّلها بالدرجة الأولى مرفأ بيروت. الجدير ذكره أن هذه الصفقة بشقّها الإقتصادي ترتقب إنشاء سكّة حديد بين مرفأ تل أبيب والعمق العربي مما سيحرم بيروت مكانتها كنقطة ترانزيت إلى الدوّل العربية. كل هذا سيدفع مجلس الوزراء إلى مناقشة هذه النقطة.

أيضًا من الملفات التي من المتوقّع أن يناقشها مجلس الوزراء في جلسته غدًا ملف مطمر برج حمّود الذي وصل إلى قدرته الإستيعابية وبالتالي لا إمكانية لاستقبال المزيد من النفايات. وعلى الرغم من قرار وزارة البيئة توسيع المطمر، إلا أن هذا القرار سيُسرّع في إقرار حلّ المحارق والذي يخلق جدلا واسعًا حول أضراره على السكان.

} قمّة مجموعة العشرين }

طغت مواضيع التجارة العالمية والمناخ على المباحثات في قمّة مجموعة العشرين التي انعقدت الأسبوع الماضي في أوزاكا في اليابان. وأتى البيان الختامي للقمّة ليؤكدّ على مقررات القمتين السابقتين في بونيس أيرس (2018) وهامبورغ (2017) دون أن يكون هناك من معالجة فعلية للحرب التجارية الطاحنة التي تواجه الولايات المُتحدة الأميركية مع شركائها التجاريين الدوّليين، أو لموضوع المناخ الذي يُعاني من صعوبة تطبيق معاهدة باريس (2015) والتي كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد إنسحب منها.

السياسة الحمائية التي يتبعها ترامب مع شركائه التجاريين، لها تداعيات اقتصادية هائلة على النمو الإقتصادي العالمي. وبدل أن يكون هذا الموضوع المحور الأساسي في مقررات القمّة، تفادى المُجتمعون مواجهة الرئيس الأميركي حيث قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالوساطة بين الرئيسين الصيني والأميركي لعقد هدنة وإستعادة المفواضات الثنائية بين الطرفين. وإذا كان الرئيس الفرنسي قد نجح في مهمته، إلا أن هذا الواقع أثبت قوّة الإقتصاد الأميركي ومدى تعلّق إقتصادات دول العشرين بالإقتصاد الأميركي.

على صعيد المناخ، لم تأت المفاوضات بأي جديد، فقد أكد الرئيس ترامب على إنسحابه من معاهدة باريس 2015 وعدم الالتزام بها نظرًا لضررّ على الشركات الأميركية. في المقابل أكدت البلدان التسعة عشر الباقية على التزامها بالمعاهدة، لكن المنافسة بين الشركات في هذه الدول والشركات الأميركية يجعل من تطبيق هذه المعاهدة شبه مُستحيل.

النصّ الختامي لمجموعة العشرين دعا أيضا الى إصلاحات في منظمة التجارة العالمية وضمان فتح الأسواق العالمية في ما بينها من دون أن يكون هناك رفض واضح للسياسات الحمائية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

Source الديار الجريدة