jassemajaka@gmail.com
أبعد من السلام… حدود جغرافيّة بأقلام إقتصادية…
عجاقة لـ "أخبار اليوم": العمل سيكون على الحجر والبشر معاً
وكالة أخبار اليوم | أنطون الفتى
بالعودة الى الورشة الإقتصادية التي ستستضيفها العاصمة البحرينية المنامة في حزيران القادم، تحت عنوان “الرخاء من أجل السلام”، فإنه لا بدّ من التركيز على أنها ورشة إقتصادية دولية وليست إقليمية حصراً، تهدف الى تشجيع الإستثمار في الأراضي الفلسطينية.
مسؤولون في الإدارة الأميركية يؤكدون أن الولايات المتحدة لا تحاول صُنع سلام إقتصادي فقط، وأن هذا هو سبب تقسيم مراحل الإعلان عن “صفقة القرن” الى شقَّيْن، إقتصادي أولاً وسياسي في مرحلة لاحقة، وهو ما سيُتيح للجميع أن يفهموا كل الأفكار، وأن يتعمّقوا بها أيضاً.
أن تكون الورشة إقتصادية – دولية، يعني أن دولاً عدّة ستشارك فيها، وهي لن تقتصر على بعض الجهات أو الأطراف الإقليمية التي يُمكنها أن تموّل تنفيذ “صفقة القرن” (بعض الدول العربية الغنيّة تحديداً)، مع ما يعنيه ذلك من مشاركة شركات ورجال مال وأعمال من دول العالم كافّة، وهذا يؤشّر الى العمل الحثيث ليس فقط على بناء اقتصاد فلسطيني متمكّن، بل الى الذهاب نحو الأبعد، وهو بناء اقتصاد فلسطيني يُمكنه دخول الأسواق الدولية، والإقتصاد الدولي، مقابل التخلّي عن حقوق فلسطينية استراتيجية طبعاً.
وبما أن دولاً عدّة في المنطقة والعالم لن تُشارك في تلك الورشة لأسباب سياسية واقتصادية معاً، فإن أبرز ما يُمكن السؤال عنه هو هل يُمكن لتلك الورشة أن ترسم أمام واشنطن وتل أبيب، ولا سيّما أمام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خريطة سياسية جديدة للعالم ببصمات إقتصادية، انطلاقاً من مبدأ “مين بيزيد؟”.
فالدول التي ستذهب “الى النهاية” أكثر من سواها، في المشاريع والطروحات الإقتصادية التي ستقدَّم وستُناقَش على مائدة “الورشة”، يُمكنها الحصول على “حصّة الأسد” سياسياً واقتصادياً واستثمارياً ليس فقط في فلسطين، بل ربما في المنطقة عموماً، كما أنها ستُعمّق في تلك الحالة تحالفاتها وعلاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المتحمّسة لـ “صفقة القرن” بشقّها الشرق أوسطي، وهو ما سيرسم خريطة سياسية من العلاقات الجديدة التي لا تقتصر على الشرق الأوسط، بل على العالم كلّه.
وفي موازاة ذلك، قد نكون في مشهد مقابل أمام خريطة من العقوبات والتشنّجات السياسية والإقتصادية الدولية الجديدة، انطلاقاً من إمكانية أن تفتح معارضة بعض دول المنطقة والعالم للـ “الورشة”، وسعي البعض الى عرقلة كلّ أو بعض ما سيصدر عنها، الباب واسعاً، على مرحلة عقوبات وتوترات مالية واقتصادية “عقابية” من قِبَل الولايات المتحدة، تجاه تلك الدول. فأين لبنان من هذا المشهد، فيما يعمل على إصلاحات تُعيده الى المشهد الإقتصادي الدولي؟
جغرافيا
أكد الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أن “جغرافيا الخرائط الإقتصادية تتحرك بسهولة، وهي التي تفرض الجغرافيا السياسية”.
وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “الاستراتيجية الأميركية، وحتى استراتيجيات الدول الكبرى، ترسم خرائط إقتصادية. أما الجغرافيا التي لتلك الخرائط فهي التي تفرض الطابع أو النظام السياسي الذي سيكون موجوداً داخل هذه الخرائط”.
وأوضح عجاقة:”لا شيء أسهل من تغيير الحدود على الصعيد الإقتصادي. فإذا كانت دولة معيّنة لا تتفق سياسياً مع الولايات المتحدة، تتمّ إزاحتها من الحدود الإقتصادية، وتصبح بالتالي فقيرة”.
“سايكس – بيكو”
وأضاف:”لدينا حالياً خريطة معينة، تشبه الى حدّ كبير خريطة “سايكس – بيكو”، وهي الآن تأخذ طريقها نحو التنفيذ. والأنظمة السياسية ستلحق بها، وحتى دول “الممانعة” ستدفع بعض الأثمان الإقتصادية في شكل من الأشكال”.
وشرح:”بعض التوجهات العلمية تقول إن تغيير أي إنسان يتطلّب أولاً تغييره إقتصادياً واجتماعياً قبل إتمام ذلك سياسياً. ويبدو أن الولايات المتحدة تعتمد هذا المسار في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وبالتالي، فإن الدعوة الأميركية لإيجاد مصادر تمويل للقيام باستثمارات داخل الأراضي الفلسطينية هدفه تسهيل الكلام السياسي مع الفلسطينيين”.
الحياد
وتابع عجاقة:”أكثر ما تحتاجه إسرائيل حالياً هو أن تنصهر في العالم العربي. وهذا الإنصهار لا يمكنه أن يتأمّن لها سياسياً لأسباب عقائدية، ولذلك أتت الفكرة بأن يكون اقتصادياً. وهنا نشير الى مشروع سكة الحديد التي تربط تل أبيب بالعمق العربي، بهدف إجراء عمليات ترانزيت، وهو يصبّ في هذا الإطار أيضاً”.
ولفت الى أن “البعض يقول إن العمل سيكون على الحجر والبشر معاً. وهذا يعني أن الأمور ستستغرق وقتاً. أما في ما يتعلّق بلبنان، فالموقف الرسمي معروف وهو أننا ضد التطبيع مع العدو الإسرائيلي. ولكن، رغم ذلك، قد نكون أمام صعوبات من باب أن التطبيع الإقتصادي العربي مع إسرائيل سيرتدّ علينا سلبياً، لأن سكة الحديد التي تصل تل أبيب بالدول العربية، ستؤثر على حركة مرفأ بيروت ومرفأ طرابلس، مستقبلاً”.
وختم:”تبقى سياسة الحياد المطلق هي الأفضل بالنسبة الى لبنان، إذ لا يمكنه أن يتحمّل تداعيات تلك المشاريع”.